Wednesday, June 1, 2011

حوار الاديان .... ما أحوجنا اليه الان

هذا الكتاب للدكتور محمد شامة ..... ومحدش يسألني هوة مين لاني انا نفسي مش عارف بس الكلام اللي بيقوله كلام جميل جدا ياريت نفهمه كويس


حــوار الأديـــان

أصبح الخطاب الثقافى فى عالمنا العربى بوجه عام مُوَجَّها من الخارج ؛ فالغرب يصدر لنا بين الحين والآخر مصطلحات ثقافية ، ومنطلقات فكرية لننشغل بها ، إن تفسيراً وتوجيهاً وتأويلا ، وإن دفاعاً عن النفس ، وتوسلاً وتودداً بأن مفهوم هذا المصطلح ، أو ذاك ، بعيد عن هويتنا وتعاليمنا ، محاولين – بأسلوب التوسل الذى قد يصل أحياناً إلى المذلة والمسكنة – إقناعهم بأننا لسنا متشددين ، ولا عدوانيين ، ولا متطرفين . وأحياناً يذهب البعض من مفكرينا إلى أقصى حد ممكن ليقنعهم بأننا متحضرون ، حتى ولو أدى الأمر إلى التنصل من مسلمات دينية ، والتبرؤ من أساسيات فى منظومتنا الثقافية ، والابتعاد عن عادات وتقاليد تعتبر ركائز أساسية فى تكويننا الثقافى والدينى .

الأصـوليــة

صدر الغرب لنا بالأمس القريب مصطلح : " الأصولية " – وهو ترجمة لكلمة : Fundamentalism – مشوباً بالتطرف ، وعدم الاعتراف بالآخر ، ورفض كل ما هو جديد ، وإعلان الحرب على الحضارة الحديثة ، مستهدفاً تدميرها ، ومحوها من الوجود ، وأوهمونا بأن مصدر ذلك كله هم المسلمون الذين يجاهدون فى سبيل الله بالأسلحة والمتفجرات لإعادة بناء الدولة الإسلامية بالصورة التى كانت عليها فى صدر الإسلام . شنت الصحافة الغربية حرباً إعلانية على المسلمين متهمـة إياهم بأنهم أصوليون يحاربون الحضارة الحديثة ، ويعملون على تدميرها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ، فتجاوب مثقفونا مع رجع صدى هذه الحملة ، محاولين التبرؤ من الأصولية ، وممن يدَّعون بأنهم أصوليون ، وداروا بذلك فى فلك التيار الغربى ؛ فكلما ظهر على ساحة الأحداث مسلم يدافع عن دينه ، اتهموه بالأصولية حتى ظن كثير من الناس أن صفة الأصولية وصمة عار ينبغى على المرء التبرؤ منها ، حتى لا يوضع اسمه فى قائمة المطاردين من " العدالة الدولية " ، مع أن الحقيقة التى كان يجب على مثقفينا أن ينتبهوا  لها : هى أن كل مسلم  يحافظ على دينه ، ويلتزم بتعاليمه هو  أصــولى ، لأنه يتمسك بما جاء فى المرجعيات الأصلية للإسلام ، وهى : القرآن الكريم ، والسنة النبوية . فالمفهوم الغربى للأصولية يختلف عن المفهوم الإسلامى ، لأن الأصولية فى الغرب هى : حركة ظهرت فى أمريكا فى عام 1918م رداً على من كانوا ينقدون الإنجيل من الليبراليين ورجال الدين المتحررين . وأتباع هذه الحركة من عامة المسيحيين ، فهى رد فعل للهجوم الذى كان موجها إلى الإنجيل بقصد التشكيك فى صحته لزعزعة الإيمان به .
فالأصولية فى الإسلام ليست حركة كما كان الحال فى المجتمع المسيحى الأمريكى فى عام 1918م ، وإنما هى وصف لكل مسلم يتمسك بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، سواء كان ملتزما بظاهر النص ، أم كان مؤوِّلا له كى يتلاءم مع ظروف العصر ومتطلباته .
وهناك الكثير من المصطلحات التى يرددها الغرب عن الإسلام ، سواء كان ذلك عن جهل بتعاليم الإسلام ، أو سوء نية وقصد ، ولذا يجب على المسلمين أن يصححوا للغرب هذه المفاهيم بكل الوسائل ، ومن أهم هذه الوسائل :

الــحــــوار

فالحوار فى حد ذاته مطلب حيوى ، وضرورة قصوى ، لتصحيح هذه المفاهيم التى يتهم الغرب الإسلام – والمسلمين – بها ، من قبيل : أنه الدين الذى يدعو إلى القتل والاغتيال تحت شعار  " الجهاد " ، وأنه الدين الذى يرفض معتنقوه التعايش مع " الآخر " ، فالمسلم فى ساحة التعامل مع الآخر إما قاتل أو مقتول ، وأن المسلمين – وخاصة العرب – شعوب متخلفة ، لايدركون للتقدم معنى ، ولا يعرفون أسس الحضارة فى السلوك والقيم ؛ لأنهم مرتبطون بالإسلام ، ذلك الدين القائم على الهمجية فى التفكير والسلوك ، ومعاداة التقدم العلمى فى أى مجال ، فهو دين الجمود والارتباط بالماضى ، والاستهانة بالحاضر ، وتجاهل المستقبل .
كل هذا يحتاج من المسلمين إلى بذل الجهد لتصحيح هذه المفاهيم ، ولعرض التعاليم الإسلامية الصحيحة فى ثوبها الأبيض الناصع ، بعيداً عن تشنجات المتشددين ، وشطحات المتطرفين ، وسلوكيات الجاهلين . ولكن قبل أن نخوض فيما يجب أن يكون عليه الحوار مع " الآخر " ، ونرسم موضوعاته ، ونوضح أهدافه ، يجب أن نركز أولا على الحوار مع " النفس " ، ونقصد به الحوار مع رموز التيارات والمذاهب الإسلامية داخل المجتمعات الإسلامية ، حتى يمكننا أن نرتب البيت من الداخل قبل الحديث مع " الآخر" ، ذلك أننا نواجه دائماً فى لقاءات عديدة بسؤال يكاد يكون بألفاظ واحدة ، ألا وهو :  عن أى إسلام تتحدثون ؟ عن الإسلام الشيعى أم السنى ؟ عن التيار السلفى ، أم عن تيار المجددين ؟ عن مفهوم طالبان أم عن تصور تنظيم القاعدة ، وجبهة الإنقاذ الجزائرى وجماعة التكفير والهجرة وأمثالها ؟ عن المتمسكين بظاهر النصوص  المنكفئين على الماضى ، أم عن " العقلانيين " المتهمين من السلفيين بالزندقة ؛ لأنهم يحاولون التوفيق بين النصوص المقدسة ومعطيات العص  ، ومتطلبات الحضارة الحديثة ؟
ومما لاشك فيه أن تصحيح هذه المفاهيم الذى علقت بذهن " الآخر " نتيجة التمزق والتفرق فى ساحة الفكر الإسلامى ، يأخذ وقتاً طويلا ، وجهداً خارقاً ، الأمر الذى يحتم علينا أن نتحاور مع بعضنا أولا ، كى نرسم خريطة الحوار مع " الآخر " ، حتى ولولم نصل من هذا إلا إلى تحديد أهداف الحوار مع " الآخر " . فتحسين الصورة الإسلامية بقدر الإمكان على الساحة الدولية أمر مهم ، خاصة وأننا نملك الأسس التى يمكن أن نتفق عليها ، ألا وهى : القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، إذ يمكننا أن نختار الآيات التى ترسم لنا الأسلوب والمنهج الذى نتفق عليه ، مسترشدين بقوله تعالى : "... وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ....."  [ الأنفال : 46 ].

No comments:

Post a Comment