Tuesday, June 7, 2011

حوار الاديان .... ما أحوجنا اليه الان ( 2 )


مــنهج الحوار مع الـنـفـس

الحوار بين السنة والشيعة
ضرورة دينية وحتمية قومية

تحتم الأحداث الدولية على المسلمين أن يتحدوا ، ويقفوا صفاً واحداً ، السنى بجانب الشيعى ، ناسين خلافاتهم ، متجاوزين تباين آرائهم فى بعض المسائل التى لا تمس الاعتراف بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد نبياً ورسولا ، وبالقرآن الكريم – وحى الله – دستوراً ، فالاختلاف فى التفسير والتأويل وقبول بعض الأحاديث ورفض البعض الآخر يمكن التجاوز عنه ، وهو لا يفسد للود قضية فى هذه الظروف ، خاصة وأن الصراع الدولى يوجب عليهم الوقوف صفاً واحداً ، وإلا أُكِلوا واحداً بعد الآخر ، ويومئذ ينطبق عليهم المثل الشعبى القائل : " أُكِلْتُ يوم أن أُكِلَ الثور الأبيض " .
ينبغى أن ندرس التاريخ دراسة جيدة ، فنتعلم وندرك أن من الأسباب الرئيسية لضياع الأندلس ، هو اختلاف المسلمين وتناحرهم ، وتحالف بعضهم مع العدو ضد إخوانهم المسلمين ، مما فتت قواهم ، فأصبحوا لقمة سائغة ، التهمها العدو ، الواحد تلو الآخر ، حتى استؤصلت شأفتهم من الأندلس . لانريد أن تتكرر هذه المأساة ، ولا يحب أحد من السلمين أن يرى هذا المشهد مرة أخرى ، ولذلك يجب أن يتحاور أهل السنة مع الشيعة ، ليصلو إلى تكوين جبهة صلبة ، تتمكن من مقاومة هذا الزحف الجارف على ديار الإسلام ، الذى لن يبقى – لا قدر  الله – على سنى ، ولا على شيعى ، فلنبدأ الحوار السنى الشيعى اليوم قبل غدٍ ، على أن تشتمل أجندته على النقاط  التالية :
1-   إحياء لجنة التقارب بين المذاهب التى دعا إليها فى منتصف القرن   العشرين : الشيخ محمود شلتوت ، وآية الله القمى ، بحيث يكون   نشاطها :
-  إبرازَ مسائل الاتفاق فى الفقه والتفسير والحديث ، فى صورة كتب وأبحاث تُنْشَر بين أنصار الطائفتين لخلق وعى عام بضرورة الوقوف جبهة واحدة أمام الأخطار الخارجية.
-  الدعوة إلى نسيان الماضى بما فيه من أحقاد وكراهية بين التيارين .
-  التركيز على وجوب التعاون والوحدة بين الفريقين ، كى يستطيعوا مواجهة الهجمات الشرسة التى يتعرضون لها من مختلف القوى العالمية.
2-   عقد اتفاقات ثقافية بين الجامعات الإسلامية فى المجتمعات الشيعية ونظيراتها فى  المجتمعات السنية ، لتبادل المنح الطلابية ، حتى يتخرج جيل يعرف كلٌّ ماعند الآخر من تفسيرات وتأويلات للنصوص الدينية ، وكذلك لتبادل زيارات الأساتذة والباحثين لخلق جو علمى أكاديمى بين الفريقين ، بعيداً عن المزايدات المذهبية ، والانفعالات الوجدانية .
3-   عقد ندوات ومؤتمرات للحوار بين الجانبين ، يركز فيها على التواصل  والتعاون ، ويعلن فيها أن كلاًّ يعترف بالآخر ، ويحترم رأيه ، حتى يكون دافعاً لأصحاب القرار على اتخاذ ما يلزم للتقارب والتعاون على  المستويات : الاقتصادية ، والسياسية ، والاجتماعية ، كى يظهر المسلمون أمام العالم بأنهم جبهة واحدة ، وأنهم يتعاملون مع بعضهم بأسلوب حضارى ، دعا إليه الإسلام ، وإن اختلفت وجهات نظرهم فى تفسير وتأويل النصوص المقدسة . ومما لاشك فيه أنه ، إن حدث  هذا، ستكون له آثار بعيدة المدى فى مجال الحوار الدينى مع غير المسلمين على المستوى الإقليمى والدولى .
4-   تدريس المذاهب الإسلامية – الفقهية ، والكلامية ، والفلسفية وغيرها  – بشعبتيها : السنى والشيعى – فى كل الجامعات الإسلامية .
ولن يتحقق هذا إلا إذا قام زعماء المؤسسات الدينية ، وعلى
رأسهم – بل وفى مقدمتهم - شيخ الأزهر بمبادرة تجمع زعماء الطائفتين        – الشيعة والسنة – فى العراق على مائدة المفاوضات ، بحيث ترتكز على الأسس التالية :
*   نسيان الماضى وتجاوز ماحدث من مواجهات عبر التاريخ الإسلامى .
*  جمع الطائفتين حول هذه المبادئ :
أ  -   الإيمان بالله الواحد .
ب - التصديق برسالة محمد t .
جـ- الإيمان بنصوص القرآن الكريم ، بل بكل حرف من حروفه .
د  - قبول السنة العملية ، والأحاديث المتواترة .
هذه هى الأصول التى تجمع الطوائف الإسلامية كلها ، وما عدا هذا من تفسير لنصوص القرآن الكريم وفهمه ، واستنتاج للأحكام الشرعية ، وتنوع فى قبول الحديث ورفضه على أساس الشك فى صحة نسبته إلى النبى  r فهو خلاف فى الفروع ، لايفسد للود قضية .
فإذا لم يقم زعماء المؤسسات الدينية بهذا الواجب ، فهم مفرطون فى الالتزام بتعاليم القرآن الكريم التى نص عليها قوله تعالى :
" وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ....." [ الحجرات : 9 – 10 ] .
وليتذكر المسلمون ما حدث لإخوانهم فى الأندلس ، حيث كان الأخوان يتقاتلان ، وكان يستعين أحدهما بالعدو – بل كان العدو هو الذى يشجعه على ذلك – على أخيه ، حتى أكله العدو هو بعد القضاء على أخيه ، مما أضاع سلطان المسلمين كلهم فى الأندلس ، واندثر ملكهم . فما أشبه الليلة بالبارحة ، وصدق الله تعالى إذ  يقول : ".... وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ       رِيحُكُمْ ......" [الأنفال : 46].

Wednesday, June 1, 2011

حوار الاديان .... ما أحوجنا اليه الان

هذا الكتاب للدكتور محمد شامة ..... ومحدش يسألني هوة مين لاني انا نفسي مش عارف بس الكلام اللي بيقوله كلام جميل جدا ياريت نفهمه كويس


حــوار الأديـــان

أصبح الخطاب الثقافى فى عالمنا العربى بوجه عام مُوَجَّها من الخارج ؛ فالغرب يصدر لنا بين الحين والآخر مصطلحات ثقافية ، ومنطلقات فكرية لننشغل بها ، إن تفسيراً وتوجيهاً وتأويلا ، وإن دفاعاً عن النفس ، وتوسلاً وتودداً بأن مفهوم هذا المصطلح ، أو ذاك ، بعيد عن هويتنا وتعاليمنا ، محاولين – بأسلوب التوسل الذى قد يصل أحياناً إلى المذلة والمسكنة – إقناعهم بأننا لسنا متشددين ، ولا عدوانيين ، ولا متطرفين . وأحياناً يذهب البعض من مفكرينا إلى أقصى حد ممكن ليقنعهم بأننا متحضرون ، حتى ولو أدى الأمر إلى التنصل من مسلمات دينية ، والتبرؤ من أساسيات فى منظومتنا الثقافية ، والابتعاد عن عادات وتقاليد تعتبر ركائز أساسية فى تكويننا الثقافى والدينى .

الأصـوليــة

صدر الغرب لنا بالأمس القريب مصطلح : " الأصولية " – وهو ترجمة لكلمة : Fundamentalism – مشوباً بالتطرف ، وعدم الاعتراف بالآخر ، ورفض كل ما هو جديد ، وإعلان الحرب على الحضارة الحديثة ، مستهدفاً تدميرها ، ومحوها من الوجود ، وأوهمونا بأن مصدر ذلك كله هم المسلمون الذين يجاهدون فى سبيل الله بالأسلحة والمتفجرات لإعادة بناء الدولة الإسلامية بالصورة التى كانت عليها فى صدر الإسلام . شنت الصحافة الغربية حرباً إعلانية على المسلمين متهمـة إياهم بأنهم أصوليون يحاربون الحضارة الحديثة ، ويعملون على تدميرها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ، فتجاوب مثقفونا مع رجع صدى هذه الحملة ، محاولين التبرؤ من الأصولية ، وممن يدَّعون بأنهم أصوليون ، وداروا بذلك فى فلك التيار الغربى ؛ فكلما ظهر على ساحة الأحداث مسلم يدافع عن دينه ، اتهموه بالأصولية حتى ظن كثير من الناس أن صفة الأصولية وصمة عار ينبغى على المرء التبرؤ منها ، حتى لا يوضع اسمه فى قائمة المطاردين من " العدالة الدولية " ، مع أن الحقيقة التى كان يجب على مثقفينا أن ينتبهوا  لها : هى أن كل مسلم  يحافظ على دينه ، ويلتزم بتعاليمه هو  أصــولى ، لأنه يتمسك بما جاء فى المرجعيات الأصلية للإسلام ، وهى : القرآن الكريم ، والسنة النبوية . فالمفهوم الغربى للأصولية يختلف عن المفهوم الإسلامى ، لأن الأصولية فى الغرب هى : حركة ظهرت فى أمريكا فى عام 1918م رداً على من كانوا ينقدون الإنجيل من الليبراليين ورجال الدين المتحررين . وأتباع هذه الحركة من عامة المسيحيين ، فهى رد فعل للهجوم الذى كان موجها إلى الإنجيل بقصد التشكيك فى صحته لزعزعة الإيمان به .
فالأصولية فى الإسلام ليست حركة كما كان الحال فى المجتمع المسيحى الأمريكى فى عام 1918م ، وإنما هى وصف لكل مسلم يتمسك بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، سواء كان ملتزما بظاهر النص ، أم كان مؤوِّلا له كى يتلاءم مع ظروف العصر ومتطلباته .
وهناك الكثير من المصطلحات التى يرددها الغرب عن الإسلام ، سواء كان ذلك عن جهل بتعاليم الإسلام ، أو سوء نية وقصد ، ولذا يجب على المسلمين أن يصححوا للغرب هذه المفاهيم بكل الوسائل ، ومن أهم هذه الوسائل :

الــحــــوار

فالحوار فى حد ذاته مطلب حيوى ، وضرورة قصوى ، لتصحيح هذه المفاهيم التى يتهم الغرب الإسلام – والمسلمين – بها ، من قبيل : أنه الدين الذى يدعو إلى القتل والاغتيال تحت شعار  " الجهاد " ، وأنه الدين الذى يرفض معتنقوه التعايش مع " الآخر " ، فالمسلم فى ساحة التعامل مع الآخر إما قاتل أو مقتول ، وأن المسلمين – وخاصة العرب – شعوب متخلفة ، لايدركون للتقدم معنى ، ولا يعرفون أسس الحضارة فى السلوك والقيم ؛ لأنهم مرتبطون بالإسلام ، ذلك الدين القائم على الهمجية فى التفكير والسلوك ، ومعاداة التقدم العلمى فى أى مجال ، فهو دين الجمود والارتباط بالماضى ، والاستهانة بالحاضر ، وتجاهل المستقبل .
كل هذا يحتاج من المسلمين إلى بذل الجهد لتصحيح هذه المفاهيم ، ولعرض التعاليم الإسلامية الصحيحة فى ثوبها الأبيض الناصع ، بعيداً عن تشنجات المتشددين ، وشطحات المتطرفين ، وسلوكيات الجاهلين . ولكن قبل أن نخوض فيما يجب أن يكون عليه الحوار مع " الآخر " ، ونرسم موضوعاته ، ونوضح أهدافه ، يجب أن نركز أولا على الحوار مع " النفس " ، ونقصد به الحوار مع رموز التيارات والمذاهب الإسلامية داخل المجتمعات الإسلامية ، حتى يمكننا أن نرتب البيت من الداخل قبل الحديث مع " الآخر" ، ذلك أننا نواجه دائماً فى لقاءات عديدة بسؤال يكاد يكون بألفاظ واحدة ، ألا وهو :  عن أى إسلام تتحدثون ؟ عن الإسلام الشيعى أم السنى ؟ عن التيار السلفى ، أم عن تيار المجددين ؟ عن مفهوم طالبان أم عن تصور تنظيم القاعدة ، وجبهة الإنقاذ الجزائرى وجماعة التكفير والهجرة وأمثالها ؟ عن المتمسكين بظاهر النصوص  المنكفئين على الماضى ، أم عن " العقلانيين " المتهمين من السلفيين بالزندقة ؛ لأنهم يحاولون التوفيق بين النصوص المقدسة ومعطيات العص  ، ومتطلبات الحضارة الحديثة ؟
ومما لاشك فيه أن تصحيح هذه المفاهيم الذى علقت بذهن " الآخر " نتيجة التمزق والتفرق فى ساحة الفكر الإسلامى ، يأخذ وقتاً طويلا ، وجهداً خارقاً ، الأمر الذى يحتم علينا أن نتحاور مع بعضنا أولا ، كى نرسم خريطة الحوار مع " الآخر " ، حتى ولولم نصل من هذا إلا إلى تحديد أهداف الحوار مع " الآخر " . فتحسين الصورة الإسلامية بقدر الإمكان على الساحة الدولية أمر مهم ، خاصة وأننا نملك الأسس التى يمكن أن نتفق عليها ، ألا وهى : القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، إذ يمكننا أن نختار الآيات التى ترسم لنا الأسلوب والمنهج الذى نتفق عليه ، مسترشدين بقوله تعالى : "... وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ....."  [ الأنفال : 46 ].